التصميم الداخلي والديكور: كيفية تنسيق المساحات لجعلها متكاملة
المقدمة :
التصميم الداخلي والديكور هو فن تخطيط وتصميم المساحات الداخلية، بمُختلف أنواعها، سواءً كانت منزلية أو تجارية أو غيره . والهدف من ذلك هو خلق الجمال وتسخير البيئة المناسبة التي تلائم حاجة المستخدمين من حيث الراحة والذوق بصري، والحِسّي في المكان.
وعادةً ما يكون التساؤل عن الفرق بين التصميم الداخلي والديكور ويُمكننا توضيح ذلك كالآتي :
التصميم الداخلي : يهتم التصميم الداخلي بترتيب وتنظيم المساحات بطريقة عملية ووظيفية تتناسب مع احتياجات المستخدمين. يتضمن ذلك اختيار الأثاث وتوزيعه، وتخطيط المساحات، والاهتمام بالتصميم العام لتدفق الحركة والراحة. يشمل التصميم الداخلي أيضًا النظر في العوامل البيئية مثل الإضاءة، و التهوية، والعزل، لضمان بيئة مريحة وفعالة.
الديكور: يركز الديكور على الجانب الجمالي للتصميم الداخلي. يتضمن اختيار الألوان، و الإكسسوارات، و الأنماط، والخامات التي تضيف لمسة جمالية للفراغ وتنسجم مع التصميم الداخلي العام. يهدف الديكور إلى تحسين المظهر البصري للمساحات وجعلها أكثر جاذبية، لكنه يُعتبر جزءًا من التصميم الداخلي بشكل عام.
بناءً على ذلك ، فإن الديكور يُعتبر عنصرًا مكملاً للتصميم الداخلي، حيث يعمل على تعزيز الجمالية وتكملة الوظائف التي يهدف إليها التصميم الداخلي.
وعليه؛ فإن التصميم الداخلي والديكور علم شامِل، يحمِل بداخله الهندسة المعمارية، وكذلك الفنون الجميلة، وعلم النفس أيضًا، فهو ليس مجرّد تزيين، بل يتطلب مهارات مختلفة ليُعطي إبداعًا ظاهرًا .
في هذه المقالة سنتطرّق إلى التصميم الداخلي والديكور بصورة دقيقة أكثر وقريبة، لنتمكّن من فهم هذا الفن المُلفِت.
أولًا؛ تاريخ التصميم الداخلي والديكور:
لم يكُن التصميم الداخلي والديكور مُنعدمًا قديمًا، ولكن كان بُدائيًا وبسيطًا لا يُشبه ما هو عليه الآن، فقد كان الإنسان القديم يبحث عن وسيلة مناسبة وملائمة مساحته للعيش والعمل. وفي بعض الحضارات، كان هناك اهتمام شديد بالديكور، مثل الحضارة الرومانية، و الحضارة المصرية القديمة، وفي اليونان أيضًا . فكان ذلك جليًا في زخرفتها، وتوزيع المساحات الخاصة بهم واستخدام الألوان الزاهية والنقوش وهكذا. مع مرور الوقت، تطوّر هذا الفن وهذا العلم تبعًا للتغيرات الثقافية و الاجتماعية التي تطرأ، مما أدى لظهور أساليب وحركات تصميمية مختلفة، من اهتمام بالبساطة، وبأهمية الوظيفية، وغيرها . ويستمر هذا التغيير تدريجيًا حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن.
ثانيًا؛ عناصر التصميم الداخلي والديكور:
هنالك عناصر أساسية في التصميم الداخلي والديكور، تُشكّل قاعدة هذا الفن، لتحافظ على التوازن الجمالي والوظيفي للمكان، وهي:
– المساحة:
يُمكننا أن نقول أن المساحة هي الورقة التي يرسُم عليها الفنان، فهي العنصر الأساسي الذي على المصمم أن يفهمه جيّدًا، ويعمل على تهيئته بالصورة المطلوبة.
فيقوم بدراسة الأبعاد، ومعرفة طريقة التوزيع، ثم تنظيم الأثاث و الديكور بناءً على ذلك لتحقيق أكبر استفادة من المساحة المعيّنة، وجعل المكان خالٍ من الفوضى، ويحمل كل معاني الجمال.
-الألوان:
الإهتمام بالألوان في التصميم الداخلي والديكور أمر مهم جدًا، لأن الألوان تلعب دورًا محوريًا، فهي مؤثر فعّال على المكان، فكل الألوان لها مدلولات . واختيار ألوان معينة دونًا عن غيرها يعطي شعور مختلف عن غيره، وتناسق الألوان عامةً يعطي شعورًا بالراحة و الحيوية.
فهنالك ألوان فاتحة، وألوان غامقة، يُنصح بإستخدام الألوان الفاتحة في المساحات الصغيرة لتُعطي شعورًا بالسعة، و الإضاءة . و الألوان الداكنة تُشير إلى ضِيق المساحة وقلة الإضاءة، ف تُستخدم هذه الألوان تبعًا للحاجة لها.
كذلك هنالك ألوان دافئة وألوان باردة، ولكُلٍ استخدام مُختلف حسب ما يتطلّبه المكان.
-الإضاءة:
تُعتبر الإضاءة مؤثر رئيسي في التصميم الداخلي و الديكور لأنها تبعث شعورًا مُختلفًا بإختلاف نوع الإضاءة، وتستعرض تفاصيل التصاميم وتعزّز جمالها.
فيُمكن عمل إضاءة طبيعية، أو صناعية، لخلق جو معين.
هناك إضاءة دافئة؛ مُناسبة لِغُرف النوم لأنها تعطي شعور بالراحة والدفء، وإضاءة أخرى ذات ضوء طبيعي . يمكن استخدامها في صالات المعيشة، حيث تُشعِر المستخدم بسعة وضوء أكثر وهكذا.
-الأثاث:
الأثاث مؤثر قطعي في التصميم الداخلي والديكور فهو العنصر الأساسي الذي يعكس الطابِع الشخصي على المساحة الداخلية . ويُضفي لمسة جمالية على تفاصيل التصميم من خلال أشكاله المُبتكرة والفريدة.
فبناءً على ما يطلبه المُستخدم يتم إختيار الأثاث، قد يكون المُراد هو الطابع الكلاسيكي فيميل الإختيار قطع الأثاث البسيطة . و العتيقة، أو المُراد الطابع العصري، فيميل الإختيار لقطع أثاث مُزخرفة، وهكذا.
ويُمكن كذلك اختياره بناءً على مساحة المكان، ففي الأماكن الضيقة على المصمم أن يختار أثاثًا متعدد الاستخدامات لتوفير المساحة، والعكس في حال توفر المساحة . يُمكن اختيار قطع أثاث تظهر تفاصيلها بصورة أكبر، وهكذا.
-تأثير الملمس والمواد:
و المقصود بالملمس هنا هو ملمس كل المواد المؤثرة على التصميم الداخلي و الديكور فهذا عامل حيوي، يعطى شعورًا بالراحة و الحيوية، فيجب اختيار ما يكون مناسبًا ليسمح بالاستدامة و الاستخدام اليومي.
و التنويع بين الأقمشة ضروري، ليبعث بمشاعر مختلفة للمستخدم.
كذلك المواد المستخدمة في كافة العناصر السابقة، يجب اختيارها بحرص لتحقيق الاستدامة والراحة معًا.
ثالثا؛ أنماط التصميم الداخلي والديكور:
تختلف أنماط التصميم الداخلي والديكور بإختلاف الأشخاص، وما يُراد إظهاره عن طريق التصميم، فكل نمط يتميّز عن الآخر وتتفق جميعها في الطابع الجمالي.
وهنا بعض أنماط التصميم الشائعة:
1/ا لنمط التقليدي: كما ذكرنا سابقًا، فهذا النمط يمكن الحصول عليه عن طريق الأثاث و الديكور الكلاسيكي، و الأشياء العتيقة . ويمكن كذلك استخدام الألوان الداكنة أكثر مثل الخشب، ويمكن إضافة تفاصيل أخرى تعزّز شعور العراقة والراحة.
2/ النمط العصري : يُسمى أيضًا بالنمط الحديث، وهو يجمع بين البساطة و الفخامة، تستخدم فيها عادةً الألوان المحايدة، والزجاج والصُلب، ويفضّل أيضًا في الأماكن المفتوحة.
3/ النمط الصناعي : في هذا التصميم تُستخدم المواد الخام، وتُكشف على أصلها، فيُتعمّد فيه إظهار الأصالة و الحداثة، مثل الأنابيب المعدنية والطوب المكشوف والأسطح الداكنة والخشنة.
هذه الأنماط ليست حصرًا، لكن هذا هو الشائع منها، وكل نمط له ميزة ولمسة مختلفة، واختيار النمط بناءً على ما يطلبه المستخدم، يعكس شخصيته ويعطيه شعور بالانتماء للمكان المعيّن.
رابعًا؛ أهمية التصميم الداخلي و الديكور:
التصميم الداخلي والديكور أساس تحسين البيئة المعيشية و العملية، فهو يهدف إلى صنع مساحات أكثر صحةً وجمالًا وراحة . بالصورة التي يريدها المستخدم والتي تعكس هويته الشخصية.
ويُمكننا هنا التطرُّق لأهمية التصميم الداخلي على شكل نقاط بسيطة:
1/ تحسين جودة الحياة:
العلاقة طردية بين التصميم الجيّد المريح وبين سهولة الحياة للأفراد المُستخدمين، وذلك لأن التصميم الجيّد تكون كل عناصره متوافقة، وتبعث شعورًا بالرفاهية.
2/ تمكين الراحة:
التوزيع المناسب للمساحات، واختيار الأثاث المناسب، يُعطي براحًا للحركة أولًا، ومِن ثَمّ بقية العناصر تُسهِم في بث شعور الراحة النفسية للمستخدم . لأن المكان خالٍ من الفوضى ومخطط بصورة مريحة ومناسبة.
3/ التعبير عن الهوية الشخصية:
التصميم الداخلي و الديكور يُعطي المُستخدم حق أن يعكس هويته في العناصر المستخدمة، وذلك عن طريق اختيار الأنماط، والألوان، و الأثاث . وهذا ما يجعل كل مكان متفرّد عن غيره.
4/ تعزيز الإنتاجية و الكفاءة :
يؤثر التصميم في أماكن العمل بصورة جلية، فهو يؤثر على الراحة النفسية للموظفين . لأن البيئة هي أحد أُسس الإبداع الذي يتولّد عن المستخدم، وكلّما كان المكان أكثر راحة كلما زادت الكفاءة و الإنتاجية.
5/ تعزيز الاستدامة:
التصميم الجيد يُراعي للاستدامة في كافة مراحله، وذلك عن طريق اختيار المواد المناسبة، التي يمكن إعادة تدويرها. أو التي تكون متعددة الاستخدامات، مما يُتيح الاستدامة و تقليل المفقودات.
الخاتمة:
يُعتبر التصميم الداخلي والديكور فن عظيم، يخدم أهداف عظيمة . فهو علم يهتم ب الاحتياجات البشرية، ليس ذلك فقط؛ بل يعتني بوسائل الرفاهية التي يطلبها الإنسان والتي تمكّنه من الاستفادة من البيئة التي حوله . و تسخيرها لتكون مريحة ومناسبة اهتماماته. فنجد أن التصميم الداخلي و الديكور موجود في المنازل، وفي مساحات العمل الانفرادية، وفي مساحات العمل المشتركة . وفي مساحات الدراسة، وفي كل ما يتطرّق إليه الناس. ويبقى كل مكان مختلف، ومتفرّد ومتميز عن غيره، ويعكس هوية مختلفة نتيجةً لهذا الفن الجميل.